زعيتر: الأغوار محتلة منذ زمن و"قرار الضم" يسعى لتجريد الفلسطينيين من قدرتهم على إنتاج الغذاء
الصورة

قالت رزان زعيتر، المنسق العام للعربية لحماية الطبيعة ورئيس الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، إن من أهم أسباب محاولات الكيان الإسرائيلي ضم الأغوار الفلسطينية إلى سيادته المزعومة، هو مزيد من السيطرة على الموارد الطبيعية، واستهداف الأمن الغذائي وسيادة الفلسطينيين على غذائهم، لافتة إلى أن تجريد الفلسطيني من قدرته على إنتاج الغذاء سيؤدي بالضرورة إلى ضعفه سياسياً، الأمر الذي يسمح للاحتلال بمواصلة غطرسته عبر خنق الفلسطينيين ودفعهم للهجرة، وخلق حالة من الإحباط وانعدام الأمل لديهم، منوهة إلى أن السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الأغوار من شأنها وضع الفلسطينيين في "زنزانة"، على حدّ وصفها، حيث سيخلق "الضم" حاجزاً حدودياً و"غيتو" سيمنع أي تواصل بين الفلسطينيين والأردنيين أو العالم.

جاء ذلك خلال مشاركة زعيتر ضمن نخبة من النشطاء والسياسيين في حوارية رقمية بدعوة من "الأردن تقاطع"، للحديث عن مصير الأمن الغذائي في ظل "قرار الضم"، الأربعاء (18 حزيران\يونيو 2020).

وتساءلت زعيتر "أليست هذه الأراضي مضمومة بالفعل؟!"، في إشارة إلى أن أراضي الأغوار لم تكن بمنأى عن الانتهاكات الإسرائيلية ومحاولات قضمها، مؤكدة أن خطط الضم ليست جديدة، إنما هي استئناف لمشاريع قديمة ممنهجة نشأت مع نشأة المشروع الصهيوني، مبينة أن في عام ١٩٦٧ كان الأمن الغذائي يشكل ما نسبته ٩٠٪ في فلسطين، أما في عام ١٩٩٣ انخفضت النسبة إلى ٢٠٪، وأصبحت الغالبية العظمى تتلقى حاجاتها الغذائية من الكيان الإسرائيلي، مضيفة أن هناك عجزاً يقدّر بنحو ٣٠٪ من انعدام الأمن غذائي حالياً، كما أن السلطة الفلسطينية تستورد ٩٥٪ من حاجتها للقمح.

وأضافت أن الغور الأردني الذي يزوّد الفلسطينيين بـ٦٠ ٪ من الخضار، و١٠٠٪ من الموز، و٤٠٪ من الحمضيات و١٠٠٪ من التمور تبلغ مساحته ٧٢٠ ألف دونم، وما يستفيد منه الفلسطينيون هو فقط ٥٠ ألف دونم، فيما توظف نحو ٧٢ ألف دونم من الأغوار لخدمة المستوطنات، وتشكل الأراضي العسكرية المغلقة ٤٠٠ ألف دونم، مشددة على أن الغور بصفة عامة يعتبر من أخصب المناطق في العالم، كما أن الموارد الطبيعية التي يكتنزها الغور جعلت منه "بيتاً بلاستيكياً ربانياً"، لكنه عانى وما زال يعاني من تاريخ طويل من الانتهاكات الإسرائيلية، فعلى صعيد المياه -على سبيل المثال- يحصل المستوطن على ٧ أضعاف حصة المواطن الفلسطيني، فيما صادر الاحتلال ما يقرب من مليون دونم بمقتضى قانون مصادرة الأراضي.

وتطرقت زعيتر للحديث عن تداعيات الضم على الأردن، منوهة إلى أن المملكة ستواجه الأخطار ذاتها في منطقة الغور بما في ذلك تهديد المصادرة والاحتلال، مشيرة إلى أن أراضي الغور داخل الحدود الأردنية تعرضت لمسلسل من الانتهاكات منذ سنين طويلة أيضاََ، من حرائق للمساحات الزراعية بطريقة ممنهجة، وإطلاق الخنازير البرية التي تأكل البيارات، وبيع الأراضي المشبوه، حيث أن كماً كبيراً من الأراضي في الغور يباع إلى شخصيات وهمية ضمن صفقات مشبوهة، متسائلة "ما دورنا وأين وسائل الرقابة والمحاسبة؟ سواء على الصعيد الرسمي أو على صعيد منظمات المجتمع المدني".

وبيّنت أن "إملاءات الممولين" في الأردن توصي بوضوح بتعزيز المشاريع السياحية وتجاهل مشاريع الزراعة في الغور بدعوى أنها تستهلك المياه، لافتة إلى دراسة قامت العربية لحماية الطبيعة بإجرائها وخلصت إلى أن الدعم الأمريكي (USAD) يذهب أقل من 0.5 % منه لصالح مشاريع زراعية، محذرة من أن هذه المنطقة (غور الأردن) تفقد قيمتها كسلة غذاء غنية.

وعن الدور المطلوب، قالت زعيتر إنها تفتخر بالمقاومة الخضراء، أي المقاومة من خلال الزراعة، حيث استطاعت "العربية" زراعة أكثر من ١١٠ آلاف شجرة في غور الأردن، تعيل نحو ٢٣٠٠ مواطن، وفي فلسطين كذلك، حيث جرى زراعة ١٤٨ ألف في الغور تعيل حوالي ٦ آلاف مواطن.

وأوصت بضرورة العمل الاقتصادي والزراعي المشترك تخدم الأردن وفلسطين على حد سواء، وبينت أن الأهم من كل ما ذكر، بناء القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية للتصدي لقرار الضم وغيرها من مخططات الاحتلال، مؤكدة أن المناورات الدبلوماسية جيدة، لكنه لا بد من تشكيل "قوة ردع"، مشددة على أن السيادة على الغذاء تعتبر إحدى مقومات وأذرع هذه القوة.

وختمت زعيتر بالتعبير عن مشاعر التفاؤل بالمستقبل، مستذكرة ما ورثته من أقوال والدها المناضل أكرم زعيتر الذي ظل متفائلاً بالنصر، وبقي يؤكد على أن الشعوب العربية حية والشعب الفلسطيني روحه لن تموت، ولدى توقيع اتفاقية وادي عربة عام ١٩٩٤، ظل المناضلُ آنذاك متفائلاً، مشدداً على أن العرب والأردنيين والفلسطينيين سيدركون ولو بعد حين أن السلام مع العدو ما هو إلا وهم، وعندها سيختار العرب قاطبة طريقاً آخرَ للتعامل مع الكيان الإسرائيلي، وهنا أكدت المهندسة رزان على أنه وبعد ٢٦ عاماً من الاتفاقية تثبت الأحداث ما ذهب إليها والدها بأن لا فائدة ترجى من السلام مع الاحتلال.

وشارك في الندوة كل من الأمينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي عبلة أبو علبة، والصحافية والمحللة السياسية لميس أندوني، ومؤسس مبادرة ذكرى ربيع زريقات، والناشط الاجتماعي والسياسي محمد الزواهرة، وأدار الندوة الناشط حمزة خضر.