اختتمت اليوم الإثنين (١١ تشرين الثاني \ نوفمبر 2019) فعاليات مؤتمر "التنمية والدعم الإنساني في ظل الحروب والصراع" بحضور ٤٥ مشاركاً ومختصاً من مختلف الدول العربية والعالمية، بدعوة من العربية لحماية الطبيعة والشبكة العربية للسيادة على الغذاء، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني من أجل فعالية التنمية (CPDE) في العاصمة الأردنية عمان.
واستهلت رزان زعيتر، المنسق العام للعربية لحماية الطبيعة ورئيسة الشبكة العربية للسيادة على الغذاء، الجلسة الافتتاحية بالتأكيد على أن معظم الجهود التي تبذل في مناطق الصراعات تسعى إلى تغطية الجانب الإنساني فيما تهمل الجوانب التنموية والإغاثية، والأخطر أنها لا تسعى إلى السلام ولا تنظر إلى الأسباب الجذرية للصراعات، مشيرة إلى أن هناك قوى تسعى إلى إدامة هذه النزاعات لا سيما في عالمنا العربي، وأضافت "مع أننا بدأنا نلمس أن المجتمع الدولي يسمعنا إلا أننا ما زلنا نلاحظ أن غياب المحاسبة والإرادة السياسية لتحقيق النداءات بالحلول الجذرية يشكلان أهم التحديات أمام بناء السلام".
وبينت زعيتر أهمية تحرك المجتمع المدني الإقليمي والعالمي ووحدته في هذا المجال، فله الأثر الكبير تجاه فرض قضية بحث الصراعات والحروب والاحتلال كأولوية عند بحث سياسات التنمية المستدامة في أهم المنابر العالمية، حيث كان يعتبر من المحرمات الكبيرة مجرد الإشارة له، وقد تمكنت العربية لحماية الطبيعة من قيادة جهود المجتمع المدني للمبادرة في وضع أساسيات عادلة في المفاوضات حول التعامل مع انعدام الأمن الغذائي في الأزمات على المستوى العالمي، وخاصة في لجنة الأمن الغذائي العالمي التي تتخذ من العاصمة الإيطالية روما مقراً لها.
ونادت زعيتر بضرورة اعتبار الاحتلال كسبب رئيسي للفقر والجوع في العالم، مشددة على أن المجتمع المدني ينبغي أن يتابع الجهود لتطبيق السياسات التي وافقت عليها كافة الدول في منابر الأمم المتحدة، كما ينبغي توحيد الجهد لمنع تحويل المساعي التنموية والإغاثية في دول الصراعات إلى مصدر للاسترزاق والتجارة.
إلى ذلك، ثمنت بيفيرلي لونجد، الرئيسة المشاركة في منظمات المجتمع المدني من أجل فعالية التنمية (CPDE)، فكرة اجتماع منظمات المجتمع المدني في مكان واحد، مؤكدة أهمية النقاش في قضية (العمل الإنساني والتنمية والسلام)، لافتة إلى أنه في الغالب تتوفر وجهات نظر من قبل الحكومات والوكالات الأجنبية في هذه القضية، لكن آن الأوان لوضع الأصوات من الأرض في موضوع هام كالرابطة الثلاثية، وفق بيفيرلي.
من جهته حذّر طلال الفايز، مدير الفاو (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة) في الأردن، من أنه لن يكون هناك أمناً غذائياً أو تنمية إن لم يكن هناك عملاً فعلياً لوقف النزاعات وإحداث السلام، مشيراً إلى أن ٧٦٪ من النازحين يأتون من ٥ بلدان من المنطقة العربية (العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان)، لافتاً إلى أن هذا الرقم لا يشمل فلسطين التي يوجد بها أكثر من 8 ملايين لاجئ مسجل، مبيناً أن ذلك يتطلب جهداً مركزاً من أجل وقف النزاعات والحروب والاحتلال التي تتسبب بعواقب وخيمة على الفقر والتنمية والنمو والأمن الغذائي ورفاهية الإنسان.
وعالجت الجلسات البحثية في المؤتمر عناوين كثيرة من بينها (الصراع والاحتلال والحصار في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، والأزمة المناخية في منطقة المحيط الهادئ، وأزمة اللاجئين في آسيا، والمجاعة والحرب في إفريقيا، وأزمة الحدود في أمريكا).
وتضمنت جلسات المؤتمر نقاشات ومداخلات معمقة أعقبها بيان ختامي أقر المشاركون فيه أن الصراع والهشاشة يشكلان تهديداً عالمياً رئيسياً لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، لافتين إلى أن ما يقرب من 1.8 مليار شخص يعيشون ويتأثرون بهذه الصراعات، وتعتبر هذه الشريحة الأفقر في العالم.
وشدد البيان على أنه لا يمكن تحقيق حلول دائمة للأزمات الإنسانية دون سلام دائم وعادل، ومعالجة أسباب وجذور النزاعات، رافضاً الاستخدام المتزايد للمعونة "كحل سريع" لحالات الطوارئ الإنسانية دون إيلاء الاهتمام للتنمية الطويلة الأجل التي تعكس أولويات وطنية.
وبحث المؤتمرون الآثار المترتبة على الرابطة بين الدعم الإنساني والتنوي وبناء السلام أي "الرابطة الثلاثية" من حيث التحديات والفرص في تلبية احتياجات الناس الأكثر ضعفاً في العالم.
وبين المشاركون أنه غالباً ما تكون القطاعات المهمشة هي الأشد تضرراً من الأزمات الإنسانية، وأنه يمكن أن تؤدي الأنشطة الإنمائية الممولة من المانحين والمؤسسات المالية الدولية إلى تفاقم محنة هذه القطاعات بدلاً من تخفيفها.
وختم البيان بالقول إن الحقائق الحالية في سياقات الصراع والهشاشة والاحتلال تعكس أسوأ الأزمات الإنسانية التي انتهكت العديد من القوانين الدولية وصكوك الأمم المتحدة إن لم يكن كلها.