زعيتر: هذا ما خرجت به الدول التي طبّعت قديماً مع الاحتلال
الصورة

قالت رزان زعيتر، رئيسة العربية لحماية الطبيعة والشبكة العربية للسيادة على الغذاء، إن تجارب الدول العربية التي دخلت في معاهدات تطبيع مع الكيان الإسرائيلي (السلطة الفلسطينية، والأردن، ومصر) تثبت بشكل صارخ خداع وكذب الاحتلال بادعاءات التطوير في المجالات الاقتصادية والسياحية والزراعية، مبينة كيف تراجعت تلك القطاعات ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة من الانهيار في تلك الدول، فيما واصلت "اسرائيل" مشاريع التهويد وشرعنة استعمارها لفلسطين.

جاء ذلك خلال حديثها في الندوة النقاشية التي حملت عنوان "من فلسطين إلى الخليج: معاني وتداعيات التطبيع"، ونظمها ائتلاف الخليج ضد التطبيع (22 أيلول\سبتمبر 2020)، وشارك بها كل من الباحثة في مجال الاقتصاد السياسي حلا مرشود، ومنسقة الحراك المحلي بمؤسسة الجذور الشعبية المقدسية أماني خليفة، وأدارها الكاتب والناشط السعودي سلطان العامر.

وأسهبت زعيتر في الحديث عما وصفته بأوهام التطبيع أو ما وصفته باتفاقيات الاستغباء والاستحقار، إلى جانب الدور المطلوب من الشعوب والمنظمات والحركات الاجتماعية في ظل السباق العربي غير المسبوق نحو التطبيع مع الاحتلال، وأجواء الإحباط التي تحيط بشعوب العالم العربي إثر ذلك.

وبينت أنّ نتائج اتفاقية أوسلو التي أُبرمت عام ١٩٩٣ تشير بوضوح إلى بقاء الملفات المحورية بشأن القضية الفلسطينية عالقة حتى اليوم، لافتة إلى ملف اللاجئين، والقدس، ومشاريع التمدد الاستيطانية، بل على العكس -وفق زعيتر-، فما جرى هو تضاعف حجم الظلم والغطرسة الإسرائيلية وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، وشعوب البلدان المطبّعة.

وبالأرقام، أوضحت زعيتر أن حجم التوسع الاستيطاني زاد بنسبة أربعة أضعاف، حيث ارتفع عدد المستوطنات ارتفع من ١٤٤ إلى ٥١٥، فيما بلغ عدد المستوطنين ٨٣٤ ألف، بينما كان بنحو ٢٥٢ ألف قبل توقيع اتفاقية أوسلو، وأضافت أن جدار الفصل العنصري الذي أقيم بمقتضى الاتفاقية أدى إلى نشر حوالي ٨٣٩ حاجزاً للفصل بين الضفة الغربية، أما الأمن الغذائي ففي الوقت الذي كان يشكل فيه الأمن الغذائي٩٠٪ عام ١٩٦٧، أصبح يشكل في عام ١٩٩٣ ٢٠٪ فقط، أما الآن فتبلغ نسبة انعدام الأمن الغذائي٣٠٪، وتابعت "في الفترة ٢٠٠٩ حتى ٢٠١٦ هدمت (اسرائيل) ٤٠٠٠ مبنى بالضفة، وهناك ١٢.٥٠٠ إنذار ومبنى ينتظر الهدم.

وقالت زعيتر إن الأردن كذلك يعيش ثمار الخداع الذي جرى في اتفاقية وادي عربة (١٩٩٤)، فالأردن وصل إلى مديونية بلغت ٤٢ مليار دولار، في إشارة إلى حجم التراجع الاقتصادي في الوقت الذي كان ينتظر تحقيق وعود إسرائيلية وأمريكية بهبة وثورة اقتصادية أعقاب "وادي عربة"، وما حدث هو العكس تماماً، وأضافت أنه وبمقتضى الاتفاقية يفترض العمل على تطوير قطاع الزراعة، لكن الذي جرى ويجري هو منافسة إسرائيلية للمنتجات الأردنية ومحاولات مستمرة وخبيثة لتمرير المنتجات الإسرائيلية إلى الأردن، والحال هذه، تواصلت الحرائق المفتعلة من طرف الكيان الإسرائيلي والتي تمتد إلى الأغوار الأردنية وسلة الغذاء، كما لم يتوقفوا عن إطلاق الخنازير البرية التي تعد من أكبر الآفات التي تأكل المزروعات وتفسد المحاصيل الزراعية، وما سبق عدا عن السرقة الإسرائيلية للمياه من نهر الأردن واليرموك، ومخزون الآبار الارتوازية.

أما عن الدور المطلوب، فبينت زعيتر أن ينبغي مواجهة الحرب النفسية التي تشنّ على الشعوب العربية، والتي تسعى إلى تبديد ثقة الشعوب بذاتها وقدرتنا على المقاومة، محذرة من المساعي والأساليب التي يحاول من خلالها الاحتلال وحلفاؤه غسيل أدمغة الشعوب وبث الهزيمة النفسية عبر منصات السوشيال ميديا المختلفة، منوهة إلى ضرورة الاستيقاظ والخروج بسرعة من الفتن والفخاخ التي نصبت للشعوب، من احتراب داخلي مذهبي أو مناطقي أو ديني أو فئوي إلى غير ذلك.

وتابعت "الدور الآخر هو أن ننتقل من ردود الفعل إلى الفعل حتى لا ينطبق علينا بيت الشعر الذي يقول: لا يعرفون الشر حتى يصيبهم ولا يدركون الأمر إلا تدبراً"، لافتة إلى أهمية تحويل الغضب إلى عمل عبر التخطيط والعمل الجماعي الممأسس والمستدام، مؤكدة أن وسائل المقاومة متاحة بكل أشكالها وعلى الشعوب المبادرة، ودعت إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية كوسيلة فعالة في إطار الفعل المقاوم، كما نادت بضرورة أن تمتلك الدول قدرتها على إنتاج غذائها دون الاعتماد على غيرها، وهذا من شأنه أن تمتلك قرارها السيادي والسياسي، ولا تضطر لمثل هذه الاتفاقيات المهينة.

وكشكل من أشكال المقاومة، ضربت زعيتر عمل العربية لحماية الطبيعة في إطار ما وصفته بـ "المقاومة الخضراء"، مشيرة إلى أن فكرة تجربة "العربية" بدأت صغيرة جداً والآن تضم آلاف المتطوعين في كل العالم العربي، مضيفة أن "العربية" تنضوي على فكرة بسيطة وهي زراعة الشجر، لكن النتائج كانت عظيمة فحملة المليون شجرة في فلسطين زرعت منذ نشأتها قبل ١٧ عاماً وحتى اليوم مليونين ونصف المليون شجرة، ساهمت في دعم ٢٨ ألف مزارع، يعيلون ٢٠٠ ألف نسمة، إضافة إلى زراعة مئات الآلاف من شتلات الخضار، ومشاريع توزيع الأغنام وقفار نحل، وشبك صيد في غزة.