على مدخل القرية، كُتب على شاخصة "دولة برقة"، الأمر الذي استدعى التوقف والبحث عن القصة التي تعود لعام 1988، حين تحولت قرية برقة في محافظة نابلس الواقعة على سفح جبل القبيبات في الطريق إلى جنين، إلى "جمهورية حرة مستقلة" أعلنها الشبان في الانتفاضة الأولى، ليتحول الأمر إلى مفارقة استخدمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رده على وزير الخارجية الأمريكي آنذاك " جورج شولتز" الذي طالب الفلسطينيين بالتهدئة، بأن عليه التفاوض مع جمهورية بُرقة.
ولبُرقة خصوصية جاء على ذكرها الكتّاب والمؤرخون كونها منطقة بساتين تنتشر فيها الأشجار المثمرة والينابيع، لكن ما أعادها للواجهة عام 2005 القرار الإسرائيلي بالانسحاب من مستعمرة "حومش" أحد المستعمرات الأربعة في الضفة الغربية التي أُخليت بالتزامن مع ضغط المقاومة في غزة والانسحاب الصهيوني من القطاع.
بدأت "حومش" كبؤرة استيطانية عام 1978، ولغايات إقامتها صودر 1,200 دونماً من أراضي قرية بُرقة، ومع الانسحاب من المستعمرة انتزع الأهالي قراراً من المحكمة العليا الإسرائيلية باستعادة هذه الدونمات إلا أن قوات الاحتلال استمرت في منع الأهالي من الاقتراب إضافة لمصادرة 5,000 دونم أخرى لغايات شق طرق للمستعمرة.
في أيار 2023، تراجع الاحتلال عن كل القرارات المتعلقة بـ "حومش" وقرر عودة المستعمرين لها، لذلك يخوض أهالي برقة مقاومة شرسة مع الاحتلال وسباق لحماية الأراضي من المصادرة بزراعتها، لذلك تحركت العربية لحماية الطبيعة للقرية وشاركت الأهالي زراعة هذه الأشجار التي تمثل 15 صنفاً.
لدى وصول فريق العربية لحماية الطبيعة إلى "الجمهورية" وبالتحديد منطقة المغارم القريبة من الطريق المؤدي إلى "حومش"، استقبلهم المزارع يوسف مع أحفاده الذين شاركوه الزراعة، وبينما يغرس الشجر بصحبة أبنائه وأحفاده، يعبّر عن شعوره بالقول إن ذلك قمة السعادة فالأراض ليس عليها مساومة بالمال وهي شريان الحياة.