لا أسوأ من جيرة المستعمرات القسرية، فكيف لو كان الواقع مجاورة "كريات أربع" واحدة من أشرس المستعمرات على تخوم مدينة الخليل، ومعقل أعتى حركات التطرف العنصرية الصهيونية "كاخ"، ويعد المستعمرون فيها منذ عام 1968 من المؤسسين لحركة الاستيطان "غوش ايمونيم" التي تركز نشاطاتها على الهجوم على الفلسطينيين باستخدام أسلوب المباغتة، والدفع نحو الاستيطان السريع في بؤر جديدة، كل ذلك لاعتبارهم أن طرد الفلسطينيين هو من صلب التعاليم الدينية المتطرفة التي يؤمنون بها.
لكن ماذا لو أمعنا النظر في القرى "المنسية" هناك، وتحديداً في قرية "البقعة" إلى الشرق من مدينة الخليل، حيث يبدو واضحاً أثر التطاول الصهيوني على الوجود الفلسطيني لأهالي القرية التي تخنقها من الجنوب مستعمرة "كريات أربع" التي يمارس المتطرفون فيها اعتداءات عنصرية على أهالي القرية باستمرار ويتسببون بالأذى للبشر والشجر، كما تسد مستعمرة "رامات مامرية -خارسينا" الجهة الغربية، مشكلتان حائط استيطاني يشق محافظة الخليل ويعزل قراها عن المدينة. المشهد في البقعة قاتم؛ فشارع 60 أو الخط الالتفافي يمر في الجزء الشمالي للقرية أيضاً، ويحيط جدار الفصل العنصري بها من جهتيها الشمالية والغربية بطول 41كم، بعد أن أكل منها 600 دونماً، وبتر 100 دونم آخرين خلفه، إضافة لقلع 2,000 شجرة في قرية يمتهن قرابة 65% من أهلها الزراعة.
على الرغم من عزل القرية، وفي نشاط جديد يصل شجر المناصرة العربي إلى البقعة، حيث وقفت العربية لحماية الطبيعة إلى جانب الأهالي وغرست عبر برنامج "المليون شجرة" في فلسطين، 2,000 شجرة مثمرة في خاصرة مستعمرة "كريات أربع" على بعد 100م من جدار الفصل العنصري، بدعم نبيل من شركة الحلول المثالية.
في مشهد صمود، يقترب طفلا المزارع عمر من والدهما، يناولانه بشكل متتابع الأشتال لزراعتها، يلتقط الأمل الأخضر من أكفهما ويقول: هذه الأرض نعشقها مثل الأم والأب، ونعمل فيها لنثبتها حتى لا يأخذها (المستعمرون).